أثناء الحرب الإيطالية التركية، وصلت السفن الحربية الإيطالية عام 1912 إلى مقربة من بيروت وأطلقت نيرانها على السفن التركية الراسية في الميناء، مما سمح لفرنسا بالإعلان أن لها مصالح خاصة في سوريا ولبنان وأنها لن تتخلى عن مواقعها التقليدية فيهما ولا عن حقها بالدفاع عن مصالحها. وسنة 1918 أعلنت عصبة الأمم فرض الوصاية على البلاد التي انتزعت من الدولة العثمانية فيما عرف بالانتداب. وكان هدف الانتداب مساعدة الدول على النهوض وتأسيس القوانين لانشاء دول حديثة. وبحسب تقسيم اتفاقية سايكس بيكو انتدبت فرنسا للاشراف على منطقة سورية والتي شملت لبنان.
في هذه الأثناء قام الملك فيصل باعلان المملكة العربية وعاصمتها دمشق. اندفع مسلمو الساحل اللبناني للمطالبة بالانضمام للدولة العربية.
[عدل] مؤتمر فرساي
في عام 1919 م عقد مؤتمر فرساي الذي حدد توزيع المناطق العثمانية على المستعمرين الجدد وهم بريطانيا وفرنسا. ذهب البطريرك الحويك إلى المؤتمر طالبا استقلال لبنان بينما كان الامير فيصل يتفاوض في المؤتمر على تاسيس المملكة العربية على جميع البلاد جنوبي تركيا بما فيها لبنان. وبطبيعة الحال، اراد مسلمو لبنان الانضمام إلى المملكة العربية.
[عدل] دولة لبنان الكبير
و في أيلول/سبتمبر من عام 1920 أعلن الجنرال غورو قيام دولة لبنان الكبير معلنا بيروت كعاصمة لها. و تمثل علم الدولة في دمج علمي فرنسا ولبنان معاً. ووصفت الدولة الجديدة باسم لبنان الكبير على أساس ضمّ إليه ولاية بيروت مع أقضيتها وتوابعها (صيدا وصور ومرجعيون وطرابلس وعكار) والبقاع مع أقضيته الأربعة (بعلبك والبقاع وراشيا وحاصبيا)، فاتسعت مساحته من 3500 كلم مربع إلى 10452 كلم مربع، وازداد سكانه من 414 ألف نسمة إلى 628 ألفاً [12]
وفي 23 مايو/أيار من عام 1926 أقر مجلس الممثلين الدستور وأعلن قيام الجمهورية اللبنانية. وفي عام 1926 انشأ الفرنسيون الجمهورية اللبنانية، والتي تعبر بداية التاريخ الحديث للبنان وانتخب شارل دباس كأول رئيس للبنان.
[عدل] اللبنانيون والصراع من أجل الإستقلال
[عدل] معارضة المسلمين
كان مسلمو "دولة لبنان الكبير" قد رفضوا، في أكثريتهم، الدولة والكيان الوطني اللبناني، عند نشوئه لثلاثة أسباب هي:
1ـ ان الدولة الجديدة جعلت منهم أقلية، وهم الذين كانوا جزءا من الأكثرية المسلمة الحاكمة في العهد العثماني.
2ـ لأن أمنيتهم، بعد الانسلاخ عن السلطنة العثمانية، كانت الانضمام إلى "دولة عربية"، برئاسة الأمير فيصل، تضم "سوريا الكبرى" أي سوريا الحالية ولبنان وفلسطين والأردن والعراق.
3ـ لأنهم كانوا رافضين للانتداب الفرنسي على اعتبار انه حكم دولة أوروبية أجنبية.
لم تعترف الحركة الوطنية السورية وممثلوها في لبنان من الزعماء السياسيين المسلمين، بالكيان اللبناني. و في المفاوضات بين الحكومة الفرنسية والحركة الوطنية السورية في مطلع الثلاثينات، اشترطت فرنسا ان تسلم الحركة الوطنية السورية بالكيان اللبناني لقاء توقيع معاهدة تعترف فيها فرنسا باستقلال سوريا ولبنان. ولقد قبل ممثلو الحركة الوطنية هذا الشرط الأمر الذي أحدث تصدعا في صفوف السياسيين المسلمين "الوحدويين" في لبنان، وراح بعضهم "يتلبنن" مثل خير الدين الأحدب والبعض الآخر يبحث عن صيغة للتوفيق بين ولائه "القومي العربي"، وبين اعترافه بالكيان اللبناني مثل رياض الصلح [13] وبشارة الخوري. ومن عام 1930 إلى عام 1943، راحت "صيغة" رياض الصلح/بشارة الخوري وغيرهم من طلاب الاستقلال ـ تتبلور، إلى ان تحولت إلى ما سمي بالميثاق الوطني اللبناني، وهو يقوم على المعادلة التالية: من أجل بلوغ الاستقلال، على المسيحيين ان يتنازلوا عن مطلب حماية فرنسا لهم، وأن يتنازل المسلمون عن طلب الانضمام إلى الداخل السوري ـ العربي.
[عدل] ثورة بشامون
تمثال رياض الصلحفي بداية الحرب العالمية الثانية وبعد أن بدأت فرنسا تسترسل بالطغيان والسيطرة على المراكز الحساسة مما جعل الحكومة اللبنانية سنة 1943 تتقدم إلى المفوضية الفرنسية مطالبة بتعديل الدستور بما ينسجم مع الأوضاع. وكان هذا الطلب بدعم من البريطانيين الذين حكموا فلسطين والأردن والعراق. وفي 21 أيلول من السنة نفسها فاز الشيخ بشارة الخوري وأصبح رئيسا للجمهورية وألف حكومته رياض الصلح وأعلنوا الاستقلال التام وحولت مشروع تعديل الدستور إلى المجلس النيابي واعتبر هذا القرار تحديا "ساخرا" للمفوض السامي مما جعله يأمر بتعليق الدستور وأرسل ضباطا" إلى رئيس الجمهورية فاعتقلوه مع رياض الصلح و بعض الوزراء والزعماء الوطنيين مثل عادل عسيران، كميل شمعون، عبد الحميد كرامي وسليم تقلا وحجزوهم في قلعة راشيا. عندها قام رئيس المجلس النيابي آنذاك صبري حماده وبعض النواب باجتماع مصغر في قرية صغيرة هي بشامون و ألفوا حكومة مؤقتة ورفع العلم اللبناني الذي تكون من ثلاث أقسام الأحمر، الأبيض وفي الوسط ضمن اللون الأبيض شجرة أرز خضراء. وقد أدى هذا النضال إلى استقلال لبنان بتاريخ 22 تشرين الثاني 1943 وبعد ذلك دعم نفسه لبنان بانتسابه إلى جامعة الدول العربية سنة 1947 ثم تم انتسابه إلى هيئة الأمم المتحدة في نفس السنة